أشكرك يا إلهي قالها ستيف وهو يجلس على كرسيه يتأمل الجهاز المسمى بالكمبيوتر في شرود
ثم تذكر ذكريات عام مضى، عام أضاعه في تفاهات
تذكر أنه عندما كان في عامه الثاني في كلية الطب
طلب من أبيه أن يشتري له حاسوباً تواكـبا مع التطور الحضاري
ورغبة منه في التعرف على شبكة الإنترنت التي يصفها الجميع
باعتبارها من أعظم اختراعات القرن العشرين
تذكر أن أباه قد وافـق على طـلبه وابتاع له جهازاً حديثاً
مزوداً بفاكـس مودم وعشرات المميزات الأخرى
وكانت فرحته لا توصف، وابتدأ في الدخول لعالم الكمبيوتر والغوص في عالم الإنترنت
والتعرف على عشرات بل مئات المواقع في مختلف المجالات
وكانت أول مرة يدخل فيها برنامج الدردشة
Chat
بعد مرور شهر من ابتياعه للكمبيوتر
وتعرف على كثيرين وكثيرات وتعرف لأول مرة على مارتينا
قالت له مارتينا أنها فتاة في الـ19 من عمرها
وهي تدرس في كلية الفنون الجميلة
وازدادت علاقتهما قرباً عبر الأيام والأسابيع والأشهر
عبر شبكة الإنترنت
تذكر ستيف أنه تعلق بمارتينا جداً وتوهم أنه أحبها وذهب ليأخذ رأي راعي كنيسته
يومها قال له الراعي: يا ستيف إنك في المراحل الأولى من دراستك طويلة المدى
انتبه لدروسك ولا تشغل نفسك بهذه التفاهات التي لا طائل من ورائها
إلا المتاعب، لقد لاحظت أنك منذ شهر لم تأت لاجتماع الشبيبة
فلماذا؟ تلعثم ستيف في الإجابة قائلاً: لقد كنت أتحدث مع مارتينا عبر شبكة الإنترنت
قال له الراعي: هذا ما كنت أخشاه، لقد ابتدأ تعلقك بهذه الفتاه
يطغي على حياتك الروحية يا بني
هيا انهض من غفوتك وقم
واقطع علاقتك بهذه الفتاة
لم يستمع ستيف لرأي راعيه، فقد كان قد تعلق بمارتينا جدا
ولكن الله الذي لا ينسانا لم يترك مينا
وذات يوم دار بين ستيف ومارتينا هذا الحوار
عبر الإنترنت
- عزيزتي مارتينا، لقد تعارفنا منذ أشهر ومع ذلك لم نتقابل قط
كل تعارفنا عبر شبكة الإنترنت
أريد رؤيتك مرة واحدة
و لو حتى بالصدفة
- لن أستطيع يا ستيف ، فـ(بابا) لن
يسمح لي بالخروج معك
- ومن قال إنك ستخرجين معي، ستذهبين للكنيسة لحضور اجتماع
الشابات وأنا سأكون هناك
بالصدفة البحتة
- اعذرني يا ستيف ولا تغضب مني
لن أستطيع
لم ييأس ستيف، وكان قد حصل على نمرة هاتف مارتينا واستطاع بواسطة الدليل
معرفة العنوان، وقرر أن يفاجئ مارتينا بزيارته لها
كان خائفا من غضب (بابا) عندمـا يذهـب لبيت مارتينا
ولكنه قرر أن يقول له أنه زميلها وقد جاء ليعطيها
بعض الأوراق الدراسية اللازمة
ارتدى ستيف أفضل ثيابه وكان أنيقا للغاية في ذلك اليوم
ضرب الجرس، ففتحت له فتاة صغيرة في السن
وهو ظن أنها أخت مارتينا
صباح الخير يا صغيرتي، هل من الممكن أن أقابل
mademoiselle
آنسة مارتينا
نظرت له الفتاة في استغراب
تيتا مارتينا .. تيتة مارتينا.. فيه ولد عايزك
أما ستيف فقد استولى عليه الذهول تماما
تيتا مارتينا
؟؟؟
وهنا خرجت سيدة في الخامسة والستين من عمرها وهي تتكئ على عصا
و... لا داع لتكملة القصة، فقد انتهت تقريباً
لم يدر ستيف كيف نزل من بيت (تيتا مارتينا) وكيف وجد نفسه في الشارع
تائهاً ولكنه أحس أنه أخذ أكبر صفعة في حياته
لم يعد لمنزله، بل عاد لراعي كنيسته والدموع تملأ عينيه
لقد أضاع عاما كاملا في سراب وخداع
في حب شخصية هلامية تقع وراء شبكة الإنترنت
تذكر ستيف كل هذه الذكريات المؤلمة، وهو يجلس أمام الكمبيوتر
ولكنه كان قد تعلم الدرس جيداً
لقد أعطته الحياة درساً لن ينساه
%%%%%
تحياتي
نور البياتي