الجدران

وقفت أمــام نافدة غرفتي التي تطل على أمواج البحر الهائج
الصمت يتموج تحت نغمات الرياح.. استسلمت لتغلغل أفكاري بين رواقها



الصمت يزداد حلكا.. و يتفرق المجد الغابر..كــان الجو
مخنوقا على أعتاب تهاطل الشتاء الغزيرة
تتمدد الساعات أكتر و أكتر..و تبش في



مـــاض...مسكت دميتي الخشبية من رجليها الصوفية
و تربعت على الأريكة الحمراء المقابلة لجدران غرفته



تأملتها بنظرات خاطفة... لا أعرف ما الذي أجبرني على تذكره
لطالما كــان مصدر قوتي..يتكأ على الحائط و بكل افتخار



يبدأ حكاياته ألا منتهية.. يبليه التعب فيجده يهرب من اكمال
ما بدأ به فيرفد كلامه بصوت مختلج النبرات غدا سأحكي لك الباقي



كان جدك شجاع..و هو يهزني بين ذراعيه



رحل و ترك نيراني مشتعلة..أعلنت تمردي.. و رفعت راية الهزيمة
نبضات قلبي تهزهز صدري الضعيف
رعشات خفيفة حلت على أوتار أنفاسي
لتسري مع الدماء الملتهبة



تضافرت حكاياتي ..و تشبكت دون خيوط..انه أدهى أن يكون
المرء مجرد لعبة...توارب مدلولات الحياة



يمتزج صدى الوهم و الواقع بين هيئات المجتمع
افدت التأمل مرارا و تكرارا لحياتي التي أراها من دون جدوى
انبثقت من روحي لوعة



اتجهت صوب فراشي لحت جسدي المنهمك عليه..لأجد نفسي أتحسسه بحرقة
رفعت رأسي رويدا الي الأعلى..جدار آخر و ذكريات مالكتي طيلة اليوم



تنهض في براثيني أسئة جمة ! تبور الأجوبة كسراب لا يعرف مصيره



كـــان رجل تكتمل فيه الحصافة و الرجولة... في مستهل عمره
ميال للبدانة..مقنعا بكلامه



أخد لب عقلي الي بعيد.. كلمــا رأيته سيهل باب العمارة
ألوح له بيدي..يرتج فؤادي عندمــا أراه لا يبالي
سحقا منذ متى كان الاحترام لا مبالاة



لطالما شدى لي هذه الجمل .. حتى مللت منه و اعتبرته مجرد جــاهل
نحب من يجاملنا و يطرينا ببضع جمل سخيفة



فهمت قصده متأخرة بعدما هلكه الدهر و جعله
يعد آخر أيام حياته بيده



ضممت يدي الي صدري الذي خلته اعصارا بسبب دقات قلبي المتتالية
أدرت ظهري لأجد جدار ثالت
ضجيج..صراخ..موسيقى صاخبة



على غفائها تزداد الاصوات و تمتزج ... مجرد لمسها تشعر ببرودتها
أنوارها ترسل اشارات للبدء من جديد..
لعبة جديدة.. ضحية مقبلة



انسجمت روحي بين ترات تقليدي عند سرق سماعي..أغـــاني قديمة
التي اخترق كل ذرة في كياني ..استقر نظري الي الجدار الذي يلامس..سريري



دفء.. حرارة تنبعث منه..تمايلتُ بين حضن هذا الشعور..قيود مكبلة
و ضغوط داخلية..حلت مرة أخرى علي..ارتفع صوت الموسيقى الصاخبة



لتختلط بين أغاني هادئة ! عصبية سكنتي



تبث في نفسي ضعف و استسلام ..اردت اثبات نفسي
بطريقة أخرى بعيدة عن مغزل أجناس الناس



انطلاقا من ذاتي تعلمت الصراع و الجهاد لقراءة جدران الحياة



خرجت من غرفتي تحت خطوات بطيئة..المنزل صـــــــامت..مظلم كعادته
لم ألجه من مدة..خبايا الماضي انكشفت هذه الليلة

دفعت البـــاب و خرجت من حيث أتيت



%%%%


منقووول




تحياتي
نور البياتي