الخبز المقطّع الى شرائح
اختراع نسي التاريخ صاحبه!
ينبت السؤال فجأة: لماذا؟ ثم يدفعنا فضولنا إلى تذكر أسئلة ال«كيف؟» وال«متى؟» و«ما هي القصة الأصلية؟» قصة عطر أو اسم أو وردة... أشياء تعيش معنا ونعيش معها، أشياء نحتاج إليها كل لحظة ونتعامل معها كأنها وجدت قبلنا وكأنها بلا تاريخ ثم ننتبه فجأة إلى أننا نجهل عنها بداياتها، وجودها الأول. وإذا سألنا أنفسنا لماذا وجدت؟ وكيف؟ ومتى؟ نكتشف أننا نحتاج أن نعرف القصة الأولى، القصة الأصلية ونبحث عمّن يحكيها لنا ثم نحكيها بدورنا... هنا نحكي لكم قصصاً أولى، قصصاً أصلية وبدايات...
اليوم أصبح الخبز المقطّع الى شرائح الاختراع الذي تقاس جميع الاختراعات الأخرى نسبة إليه، ولكن في البداية لم يحصل على المديح الذي كان يستحقه عن جدارة.
كان العام 1912، ورغم أن آلات تحميص الخبز الكهربائية كانت منتشرة منذ حوالي عقدين تقريباً، فهي كانت تخبز جانباً واحداً فقط من الخبز في كل مرة، لذا كان على المرء أن يقلب الخبز يدوياً، وكان لا بد من قطع الخبز الذي سيتم تحميصه في شكل مستقيم، الأمر الذي لم يكن بالسهولة التي تخالونها.
ومن ثم ظهر أوتو فريدريك روهويدر، وهو تاجر مجوهرات من ولاية أيوا الأميركية يسافر من منطقة الى أخرى، صنع آلة ترفع شفرات فولاذية وتخفضها بهدف قطع أرغفة الخبز الى شرائح متجانسة. وكان من المفترض أن يذكر التاريخ اسم أوتو كما ذكر أسماء كبار المخترعين على غرار بنجامين فرانكلين والكسندر غراهام بيل وتوماس أديسون، ولكن ولسوء الحظ لم يلق مخترع الخبز المقطّع الى شرائح الاهتمام الكافي باختراعه المذهل.
في ذلك الوقت سخر الخبّازون من آلة تقطيع الخبز، مدّعين أن نكهة الخبز المقطّع الى شرائح سوف تتفه سريعاً جداً. لذا عاد أوتو الى لوحة الرسم وأجرى اختبارات على أساليب تسمح بإبقاء الخبز المقطّع الى شرائح متماسكاً، إلا أن الدبابيس المعدنية سرعان ما كانت تسقط والشرائط المطاطية تلتوي.
وفي العام 1919، أُنزلت الى السوق آلة تحميص الخبز التي تدفع الخبز خارجاً بعد تحميصه، مما كان يعني أن مستخدمي هذه الآلة قد خضعوا لضغوط أكبر بحيث اضطروا لقطع الخبز في شكل دقيق وصحيح لكي يتمكنوا من إقحامه ما بين الجوانب الضيقة لآلة التحميص. وفي ذلك الوقت، تعرّضت ورشة عمل أوتو للحريق واتلفت تماماً ودمّرت آلته. ولم تسمح له حالته المادية بمتابعة تطوير آلته إلا بعد سنوات عدة.
إلا أن أوتو عاد وتابع مسيرته، وفي العام 1928 كان قد بنى آلة أخرى تلفّ الخبز أيضاً بورق مشمّع، مما يحافظ على رغيف الخبز طازجاً أكثر لفترة أطول. ولا يزال المكان الذي استعملت فيه الآلة للمرة الأولى لغايات تجارية لغزاً، مع أن معظم المؤرخين يتفقون على أن خبّازاً شبه مفلس يدعى فرانك بنش من شيليكوثي في ولاية مينيسوتا هو الذي خاطر واستثمر في الخبز المقطّع الى شرائح.
رغم أن طول آلة أوتو كان 5 أقدام وارتفاعها 3 أقدام، إلا أنها قد حققت نجاحاً فورياً عندما عُرض رغيف الخبز الأول المقطّع الى شرائح على رفوف الفرن في تموز/يوليو 1928. وخلال أسبوعين، كان فرن بنش قد زاد مبيعات الخبز بنسبة 2000 في المئة.
وكتبت إحدى الصحف الأميركية في ذلك الوقت معلّقة على الخبز المقطّع الى شرائح: «إن شرائح الخبز المقطّعة دقيقة ومتقنة جداً، بحيث يدرك المرء في الحال أن هذا اختراع محسّن سوف يلقى ترحاباً حاراً ودائماً».
وسرعان ما اكتسب الخبز المقطّع الى شرائح شعبية في كل أنحاء الولايات المتحدة الأميركية، إلا أنه قد حُظّر خلال الحرب العالمية الثانية، نظراً الى أن الحكومة الأميركية فضّلت استعمال الفولاذ المستهلك في صناعة آلات تقطيع الخبز لغاية أفضل ألا وهي صناعة الطائرات الحربية. ولكن الاحتجاج الشعبي جاء قوياً جداً على هذا القرار بحيث رُفع الحظر بعد ثلاثة أشهر.
وأخيراً أصبح الخبز المقطّع الى شرائح منتشراً وشعبياً، ولكن أوتو الذي فشل في استغلال فرصة نجاحه، كان قد باع براءة الاختراع قبل سنوات وسرعان ما توارى اسمه في التاريخ وأصبح طي النسيان.
محطات تاريخية مهمة
10,000 قبل التاريخ المسجل
أكل الإنسان الخبز للمرة الأولى، وكان عبارة عن مزيج من المواد الأولية المخبوزة ألا وهي المياه والطحين.
1893
ما الذي أتى أولاً، آلة تحميص الخبز أم الخبز المقطّع الى شرائح؟ آلة تحميص الخبز هي التي صُنعت أولاً، من خلال نسخة الكترونية منها اخترعتها الشركة البريطانية كرومبتون وشركاؤه Crompton & Co..
1960
ابتاع مصنّع لزجاجات المشروبات مبنى فرن فرانك بنش ورمى ما خاله نفايات بالية. ولكنه اكتشف لاحقاً أنه تخلّص من الآلة الأصلية لتقطيع الخبز التي ابتكرها روهويدر.
2001
في بولندا، خُبز رغيف خبز كسر الرقم القياسي العالمي يزن 1.1 طن، طوله 162 متراً وعرضه 13 متراً.
2004
أكل كل أوسترالي في المعدل 44 كلغ من الخبز تلك السنة.
2005
يبتاع الأوستراليون من السوبرماركت 11.907.115 رغيفاً من الخبز أسبوعياً.