لم تعد الكتابة تؤثرني أو فعلها يسحرني ... علي النقيض فما عدت ألجأ إليها
إلا لأنها غدت سلوى من أطلال ماض حالم وكفى .. ذاك أن كثيرا من رفاق الرحلة
غدوا علي مبعدة من حلم آمنا به طويلا لكنه
بات سرابا وعجبا ..السحر دوما بصري بكل تأكيد .. جاذبتني
أطراف حديث طويل فكنت أسير ما أنا فيه وبت أحلم يوما بعد يوم
أن تضيق علينا الدنيا وتتسع بنا فحين أكون معها تكون هي العالم
وحين نتوحد سويا لا يرى كلانا الآخر إلا
صورة عكستها مرآة الزمن وفقط
ذهبت إليه بعد عودته من سفر طويل .. لم تغير الغربة كثيرا منه
كان قصيرا بدينا كما عهدته وعينيه تبحثان عن الكثير داخلي
لكنه لم يجد ما يمكن أن يستشفه من ملامحي .. سألني عن القصة
فقلت له لم أعد أكتبها ..عاد معي إلي بيتي ثم قصد ألبوم صوري
فلم يجد سوى صورة واحدة فيه فابتسم في وجهي ثم
انطلق يضحك طويلا فنظرت له صامتا ثم شردت بعيدا إلي ألبوم صوري
الذي كانت به كثيرا من الصور
صورة تلو الأخرى .. لم تعد به سوى صورة واحدة
هي بقايا الزمن وكفى بالزمن وحشا يلتهم كل شيء
- لا تزال كما أنت
- لم تتغير أنت الآخر
- حقا
- أراك كما أنت
- كم أنت واهم .. لا تزال ترى الدنيا بعينك لا بعين الزمن من حولك
الزمن تغير يا عزيزي
لا تظن نفسك العبقري الذي تنتظره الدنيا ليهدم نظرية
ويبني أخرى وهم مصدقوه .. أفق مما أنت فيه إن المبدع
هو نتاج تحديات لا نتاج عزلة واهمة كما أنت فيها الآن
لم أجبه بشيء فلم أعد أبالي بالحياة أو يجدي معي منها شيء
فقد جف ماؤها داخلي كثيرا بفعل ما أنا فيه
وهم يظنون أني من أولئك الذين يركنون علي
فشل من حولهم فيكونون أشد فشلا منهم
في المساء أتاني ليخبرني أنه بقيت له في إجازته أربعة أيام
وعليه أن ينهي كل شيء قبل أن يرحل لأنه سيرحل هذه المرة
وقد تطول غيبته وربما لا يعود ثانية إلا بعد فترة طويلة من الزمن
وما كنت أعي ما يعنيه فأخبرني أن العمر يمضي به وأنه لن يحيا
الرهبنة مثلي أو يركن لضيق ذات يد مثلي
وهو ليس مثلي بل هو يريد امرأة وأبناء وحياة كما يحيا الجميع
هو من هذا القطيع كما كان يسخر مني دوما
ولم أفهم ما يريده مني فما علاقتي بأمر زواجه .. خبرني أنه لم يزل يثق
في نظرتي للمرأة لأني أفهمها عن بعد وربما هذا سبب في تخوف
الكثير مني لأنك حين تفهم عن بعد
فماذا تفعل حين تقترب المسافات
ولم أفكر طويلا إنما جذبت ألبوم صوري الذي لم يعد متبقيا منه
سوى صورة واحدة فقط ودفعتها نحوه فصمت طويلا ثم خفض رأسه
وطال صمته كثيرا ثم سألني عن المكان فخبرته
أني سأذهب معه لأني أعرف كل شيء عنها
لم أزل في غربة عن الزمن ومبعدة عنه .. في حجرتي الضيقة
التي زادت ضيقا علي ووسط الكتب والأتربة وصوت القرضة
التي تزعجني وهي تلتهم مزيدا من الورق ولم يعد يجدي ما
ألقيه لها من سموم فبات كأنه طعام لذيذ لها ألقى لي خطابا
ثم مضى ففضته علي عجل وكان منها بعد أن آذنته أن تكتب لي
أي قلب تمتلكه .. كيف لمحب أن يكون وسيطا لزواج من يحبها
أي قلب تملك وكيف تذبح نفسك بسكين بارد وتنظر لدمك وهو أمامك
ينزف قطرة فأخرى دون أن تحرك ساكنا
ماذا فعلت مع عدوك الزمن هل انتصرت عليه
وهل نفعتك نظرياتك أم لا تزال كما أنت وفقط
أي قلب تمتلكه وكيف واتتك الجرأة لتأتي لبيتنا
بدلا من طالبا لي لتطلبني لصديقك .. أي شيء هو أنت
ألقيت خطابها جانبا وأنا أوجه العصا للقرضة التي ظهرت أخيرا أمامي
ثم نهضت أبحث عن ألبوم صوري فوجدت القرضة قامت بنصف الواجب
وأكلت نصف الصورة وقمت أنا بالباقي فلم يعد هناك جدوى للصورة
فمزقتها وألقيت بالبقية أرضا
لحين أن تأتي القرضة لتكمل ما بدأته
منقوووول
%%%%
تحيااااتي
نور البياتي