كلنا في نزهة على الشاطيء .. ولكن

"جلس على المقعد المهجور مواجهاً الشاطيء الفيروزي اللون وافترش ذراعيه على ظهر المقعد. ترصع الخط الفاصل بين الماء واليابسة نجمات البحر التي ألقى بها كسلسلة طويلة تمتد مع الشاطيء، وكأنها هدية الأمواج التي قدمت من سفر بعيد. أخذه المنظر الخلاب ثم تنبه لوجودها في البعيد تنحني ثم تستقيم وتلقي بشيء في الماء.

مشت بمحاذاة العقد الفريد من النجمات، يعاكس الهواء العليل شعرها وأطراف ثوبها وتستسلم الموجات عند قدميها. راقبت سلسلة النجمات وتوجهت إليها. نظرت مليا وامتدت ببصرها على امتداد الساحل متتبعة حلقات السلسلة. انحنت ومدت يدها بحنان إلى إحدى النجمات. أمسكت بها ومررت أصابعها برقة عليها، قلّبتها ثم واجهت البحر عاتبة. مدت يدها إلى الخلف أقصى استطاعتها وحذفت النجمة بعيداً في مياه البحر. استطرقت قليلاً ثم أشاحت بوجهها عن المياه وتوجهت بحنان الأمومة إلى النجمات تلتقطها واحدة تلو الأخرى بلا أدنى كلل.

بقيت على هذا الحال فترة طويلة تتقدم ببطء.وهو يراقبها بتكاسل وتخاذل حتى دنت منه. بادرها بأن الساحل يمتد لأميال عدة وسلسلة النجمات تمتد بامتداده، فأي فرق بإمكانها أن تحقق بعملها المضني هذا؟ لن تستطيع إنقاذ كل النجمات العالقة على رمال الشاطيء وحدها. بدون أن تعير وجوده أي اهتمام، دنت من النجمات مرة أخرى والتقطت إحداها، مدت يدها مرة أخرى للوراء ودفعت بها بعيدا داخل البحر، ثم التفتت إليه وقالت: لكنه أحدث فرقا لتلك النجمة...."

استحضرت ذاكرتي هذه القصة التي قرأتها منذ سنوات في أحد أجزاء "حساء الدجاج للروح"، كتاب جمعه جاك كانفيلد وكتاب آخرين من قصص كتبها العامة من الناس.

فرق صغير أن تنقذ بضعة نجمات... لكنه فرق كبير بمضمونه. عندما يتفشى الضرر باختلاف أنواعه يصيبنا الإحباط، ونتوقف عن عمل أي شيء لأننا مهما عملنا لن نستطيع تغيير العالم. لكن مهما بدا الفرق صغيرا أو تافها لا بد أن يعني الكثير لمن وقع عليه التغيير.

هذه القصة لوحة رسمتها بخيالي وتستحضرها ذاكرتي الضعيفة كثيرا، خصوصا عندما أقف حائرة بين أن أمد يدي أو أن أشيح بوجهي بعيدا. فالحياة نزهة على شاطيء البحر، يمكننا أن نمضيها بسلبية الجالس على المقعد أو بإيجابية منقذة النجمات.

الحق يقال.... عدد النجمات اللاتي يتم إنقاذها لا يشجع كثيرا..... ما رأيك أنت؟