امرأة عربية .. وحرة

رح ابدا باول مقالة

كانت بتاريخ

12/11/1961

دستورنا .. نحن الفتيات المتحررات


الفتاة المتحررة هي من حيث المبدأ انسانة تعتقد أنها تحمل قدرا من "الانسانية" يساوي القدر الذي يحمله الرجل ، وهي تعترف بالوقت نفسه بأنها " أنثى " وبأنه "رجل" فالفرق بينهما كيفي لا كمي وكلاهما يتساوى في رتبة الانسان ويتساويان بالتالي في الحقوق الانسانية .

الفتاة المتحررة ليست - كما يعتقد البعض- تلك الدمية عصرية الاصباغ والازياء التي تلف في اسواق التفاهة والتي تحررت من ثيابها وانسانيتها واحترامها لنفسها فهذه لا تمثل الا النموذج الحديث للبطالة المترفة المتمثلة في وجود "سنوبيزمي" ابله ضيق الابعاد

لكن الفتاة المتحررة هي اليوم الواقع وجانب من جوانب الصحوة الفكرية التي يعيشها المجتمع العربي ، وهي تهدف الى التحرر من بعض القوانين الاجتماعية المتوارثة ووجهات النظر التقليدية التي لا تنطوي على اي معني انساني والتي تشوه شخصيتها كانسانة انها ثورة الكرامة عند المراة المفكرة على المراة الدمية ودعوة حارة الى تاكيد الوجود واحترامه بتحريره من الاوهام والغموض والاحساس بالذنب والخروج به الى شمس الحقيقة والفكر والواقع .

والفتاة المتحررة تعتقد انها كانسانة لها الحق في ان تكون مسؤولة امام نفسها وامام المجتمع وهي تصر على ان تملك حق المسئولية لان المسؤولية هي ما يميز الانسان عن الحيوان .

والمسؤولية نتيجة من نتائج الحرية لذا فان المراة المتحررة تصر على ان تملك حريتها كاملة وتحمل مسؤوليتها كاملة بعد ان تنال قدرا كافيا من التعليم والثقافة والسن والاتزان .

وهي لا تصر على حريتها كي تسيء استعمالها لكنها بحاجة اليها كي تصنع بها فضيلتها فهي تؤمن بان الفضيلة الاجبارية عادة لكنها ليست نصرا انسانيا وليست فضيلة فالفتاة التي تُمنع من الخروج وحرية التصرف ليست بالطبع فاسقة لكنها ليست فاضلة انها اللاشيء لانها لم تختر شيئا ، اننا لسنا مسئولين عن اي عمل نمارسه بالاكراه اي اننا لا نستطيع ان نطلق على انفسنا اي حكم اخلاقي حينما لا نملك حريتنا في اختيار ما نفعل ان الاختيار هو الشيء الوحيد الذي تنتج عنه المسؤولية وهو الشيء الوحيد الذي يعطي الاحكام الاخلاقية قيمتها الحقيقية .

والمراة المتحررة تعتقد انها بحكم انتسابها للعرق البشري قد تخطئ ويؤسفها ذلك لكنها تظل تصر على ان خطاها ليس اشد شناعة من خطا الرجل وانه ليس هناك خطيئة "مذكرة" تُغتفر وخطيئة "مؤنثة" لا تغتفر .

والمرة المتحررة قررت تحرير ذهنها من الجمود التقليدي وممارسة حياتها التي تخصها وحدها بعد تفكير كلي عميق متزن انها مثلا ترفض ان تكون لها "تسعيرة" للزواج كما كان لامها وجدتها ، انها ترفض ان تبيع نفسها مباهية فخور لقاء ثمن يحدد ويعلن في الاوساط النسائية ولا يقل عن طابق وسيارة وخادمتين و و و ذلك لانها تصر على انها صديقة لا جارية مترفة ، وتصر على ان الرجل انسان ستشارطه وجوده ومصيره لا مائدته فقط وسريره ، فالرجل في عرف المراة الدمية "عملة موحدة" لا فرق بالنسبة اليها بين رجل واخر ، اي ان اي رجل يمكن ان يكون زوجا لها اذا استطاع ان يدفع "تسعيرتها" انه عالم مغلق ضبابي تحلم به في اسلوب رخو بليد مراهق انها تتلصص عليه من ثقب الباب وتذكر حكايات جدتها ثم تنهار مترعدة خائفة .

والمراة المتحررة ترفض هذا الموقف السلبي الذي يشبه موقف علبة " الكونسروة" اللامبالي من المشترين والرجل في نظرها انسان قيمته في ذاته في مايمكن ان يكون لا مافي يمتلك

هذه هي المراة التي صمموا على تحطيمها باسم الدين ... لماذا؟ .. ولمصلحة من؟ وهل يرضى الدين الذي كان تنظيم الفعاليات الانسانية بشكل مجتمع فاضل من اولى غاياته , هل يرضى مثل هذا الدين باعدام هذه الفعاليات المثمرة باسمه هو؟ وهو الذي كان اول من كرمها وقدرها ؟

غادة السمان