مايا بليسيتسكايا ... "البجعة "الخالدة
في 27 ابريل/نيسان عام 1947 أدت راقصة الباليه مايا بليسيتسكايا دور اوديتا – اوديليا في باليه " بحيرة البجع" لبيوتر تشايكوفسكي على خشبة مسرح البولشوي بموسكو .. ومنذ ذلك الحين اصبح دورها هذا رمزا لسيرة حياتها الابداعية المتواصلة كراقصة باليه على مدى عقود طويلة من السنين.
ولدت مايا بليسيتسكايا في 20 نوفمبر عام 1925 . وكان ابوها ميخائيل ايمانويلوفيتش بليسيتسكي يشغل منصب القنصل العام السوفيتي في شبيتسبيرغن (النرويج) ومن ثم اعتقل واعدم في فترة القمع الستاليني . اما امها راحيل ميخايلوفنا ميسيرير- بليسيتسكايا فكانت ممثلة في ايام السينما الصامتة واعتقلت بعد عام من اعتقال زوجها وزج بها مع ولدها في سجن بوتيرسكايا بموسكو ومن ثم نفيت الى كازاخستان. ولم يسمح لها بالعودة الى موسكو الا فى عام 1941. بينما تولت خالتها سولاميف وزوجها عساف ميسيرير وهما من كبار راقصي الباليه في مسرح البولشوي تربية مايا وشقيقها وادخلاهما في مدرسة الباليه التابعة للمسرح. وتتلمذت هناك على يد راقصة الباليه الشهيرة اغريبينا فاغانوفا الى جانب اساتذة آخرين.
وضمت مايا بعد التخرج الى مجموعة" الكوردي باليه " في فرقة الباليه بالرغم من انها كانت تتمتع بالمؤهلات لأداء الادوار الفردية. ثم اعطيت لها تدريجيا الادوار التي تناسب اهتماماتها في الربرتوار المسرحي. وكان اول ادوارها الفردية هو الجنية في باليه " زولوشكا" للموسيقي سيرغي بروكوفييف ثم قامت بالدور الرئيسي في باليه " رايموندا" للموسيقي غلازونوف (تلميذ ريمسكي كورساكوف).وعندئذ توفرت جميع الظروف لكي تصبح الراقصة الاولى في بولشوي بعد ان تركت جالينا اولانوفا خشبة المسرح المذكور حين بلغت السن التي تتوقف فيها راقصات الباليه عن العمل في المسرح. وهكذا رقصت في عام 1947 لأول مرة في باليه" بحيرة البجع" حين ادت دورين في آن واحد هما اوديتا واوديليا. وفي عام 1948 ادت دور زاريما في باليه " نافورة بقجة سراي" وعرفت آنذاك بقدرتها على القفز والبقاء في حالة تحليق طويل والمعروفة في لغة البالية بحركة " البالون". كما انها شاركت في ثلاثة اخراجات لباليه " سبارتاك" للموسيقي آرام خاتشارويان وفي الكثير من عروض باليه البولشوي.
وفي الستينيات بدأت مرحلة جديدة في ابداع بليسيتسكايا حين ادت الدور الرئيسي في باليه " كارمين – سويتا" التي اعد موسيقاها خصيصا من اجلها زوجها المؤلف الموسيقي الروسي روديون شيدرين. وقد صور العرض بشكل فيلم سينمائي ومن ثم تلفزيوني . وبعد ذلك ألف شيدرين الموسيقى لباليه" آنا كارينيا" وباليه " السيدة والكلب"خصيصا من اجلها ايضا وتم تقديمهما على خشبة البولشوي في عام 1972 وعام 1980 .
في مطلع الثمانينيات غادرت بيلسيتسكايا الاتحاد السوفيتي للعمل في اوبرا روما ومن ثم في اوبرا مدريد حيث مارست اخراج عروض الباليه والمشاركة فيها في آن واحد. وذاع صيت راقصة الباليه في العالم اجمع وانهالت عليها الدعوات للعمل في امريكا واوروبا . واخرجت بمشاركتها افلام كثيرة. وحصلت على القاب واوسمة عديدة منها لقب فنانة الشعب في الاتحاد السوفيتي وبطلة العمل الاشتراكي ووسام "كوماندور" الفرنسي ووسام " ايزابيلا الكاثوليكية" الاسباني ولقب " مواطن الشرف في اسبانيا" وجائزة بلدية باريس في الاناقة لعام 1986 وجائزة" فخر روسيا الوطني" وصليب وسام الاستحقاق الليتواني وغيرها.
علما ان مايا بليسيتسكايا حائزة على لقب الدكتوراه من جامعة السوربون(1985) ولقب استاذ شرف في جامعة موسكو(1993).وفي عام 1994 اطلق معهد الفلك النظري اسمها على الكوكب رقم 4626 .
وقد استقر بها المقام في عام 1990 في ميونيخ بالمانيا حيث كان يعيش زوجها شيدرين . ومنذ ذلك الحين يتنقل الزوجان بين ميونيخ وموسكو وليتوانيا حيث يوجد بيتهما الريفي.