شهور قليلة من الحب وظروف اقتصادية صعبة وأربع محاولات انتحار، هي قصة الشاب الأردني ثائر الذي ما زال يعاني مخلفاتها بسبب عدم قدرته على الزواج من الفتاة التي أحبها.
فثائر البالغ من العمر 23 عاما والعامل بمهنة متواضعة تدر عليه دخلا لا يتجاوز 250 دينارا (350 دولارا) شهريا، أعجب بفتاة كانت تعمل في مكان عمل مجاور له, لكنه حين تقدم لطلب يدها ماطله والدها قبل أن يشترط عليه الزواج خلال عام واحد فقط.
ويقول ثائر للجزيرة نت "لا يمكن أن أكون نفسي خلال عام وسط الظروف الاقتصادية الصعبة التي أعيشها، ومع ذلك فإن والد الفتاة خدعني وحاول أن يقنع ابنته بأن تتزوج أحد الشبان الذين تقدموا لها".
وبلهجة حزينة يصف ثائر كيف حاول الانتحار أول مرة عندما قام بقطع شرايين يده، لكن الله كتب له النجاة من موت محقق، ثم حاول ذلك مرتين أخريين عبر شرب كمية كبيرة من الأدوية لا يزال يعاني منها أمراضا حتى اليوم.
وتواصلت مآسي ثائر عندما هربت خطيبته فرارا من محاولة والدها إقناعها بالزواج من غيره لتصدمها سيارة وتمكث في المستشفى أسبوعين تحت عناية الرحمن.
ووسط حديثه المتقطع يؤكد ثائر أنه يدرك أن الانتحار حرام، لكنه يستطرد بالقول "أمثالي لا مكان لهم في الحياة فأنا لا أستطيع فعل أي شيء فأنا فقير ومن عائلة فقيرة ولا أملك ما يمكنني من الزواج من الفتاة التي أحببت".
ولا يخفي ثائر أن يأسه يزداد يوما بعد يوم خاصة أن مهلة العام الممنوحة له لإتمام الزواج مضى منها أكثر من أربعة أشهر.
تزايد المحاولات
ولا تبدو قصة ثائر معزولة عن قصص تعاملت الأجهزة الأمنية الأردنية مع تداعياتها، حيث نجحت قوات الشرطة قبل شهرين في إقناع شاب حاول الانتحار في شارع وصفي التل الشهير وسط العاصمة عمان لنفس الأسباب في القصة السابقة.
كما تعاملت ذات الأجهزة مع حوادث باتت صورها موجودة على هواتف الكثير من الأردنيين وعلى المواقع الاجتماعية للإنترنت، وباتت أسماء شبان وفتيات تغزو منتديات مواقع إلكترونية وصحف تتحدث عن قصصهم وكأنها قصص قيس وليلى.
وسجلت حالات ومحاولات الانتحار بالأردن في العامين الماضيين ارتفاعا ملحوظا, حيث يشير التقرير السنوي للمركز الوطني لحقوق الإنسان إلى أن العام الماضي شهد 65 حالة انتحار مقابل 35 حالة عام 2008، كما سجل في العامين الماضيين 800 محاولة انتحار.
ويقول أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأردنية إدريس عزام إن قدرات الشبان في التصدي للمشكلات التي تواجههم "متفاوتة وغير متساوية".
ويضيف للجزيرة نت أن "هناك من يواجه الصعوبات، وهناك من يلجأ لوسائل مختلفة لتحدي الظروف، ولكن هناك من يرتد نحو الذات عبر محاولة الانتحار للتعبير عن العجز عن مواجهة الظروف".
ويرى عزام أن المشكلات التي يواجهها الشباب اليوم تتجاوز لدى البعض إمكانية الحل, دون أن يبرئ الحكومات في العالم الثالث ومنها الأردن من المسؤولية عن ارتفاع محاولات الانتحار.
فهو يرى أن "التغيرات الاقتصادية التي حولت الدولة من رعاية مواطنها إلى معاملته كزبون تدفع الشباب لليأس أمام عدم قدرتهم على التكيف مع الظروف الجديدة التي تتصادم مع إمكانياتهم وقدراتهم".
وعن حالة الشاب ثائر يرى إدريس عزام أنه أخطأ التقدير بربط مصير حياته بفتاة قد يكون لذويها ما يبرر رفضهم ارتباطه بها ومنها الظروف الاقتصادية.
المصدر:الجزيرة.نت